نشرت المعرفات الإعلامية التابعة لـ “داعش” حصيلة العمليات العسكرية التي نفذها التنظيم ضد “قوات سوريا الديمقراطية” وقوات النظام والميليشيات الموالية له في مدن وبلدات شمال شرقي سوريا، إذ بلغ عددها 59، كان النصيب الأعلى منها لريف ديرالزور بـ 30 هجوم مسلح، فيما بلغ عدد العمليات في محافظة الرقة 20 عملية، 8 أخرى في محافظة الحسكة.
الارتفاع الكبير في معدل العمليات العسكرية في مناطق شرقي سوريا قابلها في الوقت نفسه تحركات مكثفة لأجهزة التنظيم وأذرعه الأمنية على الأرض، تمثلت بجباية الأموال من المدنيين وموظفي المنظمات الدولية ومعاقبة الرافضين لدفعها، ناهيك عن محاسبة المخالفين لقوانين وتشريعات التنظيم التي وضعها إبان فترة سيطرته على المنطقة وتطبيق عقوبات قاسية بحق بعضهم وصلت إلى القتل.
إذ تحدثت مصادر محلية عن عودة جهاز الحسبة إلى مدن وبلدات ريف ديرالزور وبقوة خلال الشهرين الماضية، مع قيام عناصر التنظيم بتوزيع قصاصات ورقية تحمل أسماء من أسموهم بـ “المتعاونين مع قسد ومع التحالف الدولي”، وأيضاً أسماء بعض موظفي المجالس المحلية التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، ومطالبات علنية لهم بتقديم استقالتهم وإعلان توبتهم لدى أحد معتمدي داعش في المنطقة “حفاظاً على أرواحهم”.
المصادر ذاتها تحدثت عن عودة عمل ديوان الزكاة وجباية الأموال إلى العمل، وبالذات مع ازدياد الحركة في السوق المحلية بعد الانتهاء من حصاد محصول القمح واستلام الفلاحين جزءاً من ثمنه، إذ طالب عناصر الديوان الفلاحين بضرورة تقديم نسبة معينة من ناتج أراضيهم الزراعية لمعتمدي التنظيم مع تهديدهم بحرق أراضيهم الزراعية حال رفضهم الدفع.
عمل ديوان الزكاة لم يقتصر على الفلاحين وأصحاب الأراضي الزراعية بل تعداه إلى موظفي الإدارة المدنية لـ”قسد” وموظفي المنظمات الدولية العاملة في المنطقة وأيضاً العاملين في مجال تهريب النفط إلى مناطق النظام، وغيرها من الأعمال والوظائف التي تدر كميات كبيرة من الأموال، إذ طالب عناصر تنظيم داعش جميع هؤلاء بضرورة دفع ما أسماها بـ “الكلفة السلطانية” له بعد حسابها وتحديد قيمتها، مهدداً الرافضين دفعها بتدمير أملاكهم الشخصية أو القتل.
حيث عمد عناصر داعش على استهداف عدة صيدليات ومراكز طبية وبعض التجار المحليين ومحلات الصرافة بعبوات ناسفة صغيرة، يعمل التنظيم على تفجيرها متعمداً عدم إصابة أي شخص بهدف تهديهم وحثهم على دفع ما عليهم من أموال بأسرع وقت ممكن.
في حين، نشر جهاز الحسبة عناصره بشكل كبير داخل مدن وبلدات ريف ديرالزور وقاموا بتوزيع قصاصات ورقية على المدنيين مطالبينهم فيها بالابتعاد عن الأعمال التي وصفها بـ “المخالفة للتعاليم الإسلامية”، والتبليغ عن أي أشخاص يعملون في تجارة المخدرات أو ترويجها وحتى تعاطيها، وأيضاً العاملين في تهريب المشروبات الروحية والمدمنين عليها وتجار الدخان وغيرها من المهن الأخرى التي لا تتوافق مع تشريعاتهم.
وفي السباق ذاته، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” بالتعاون مع قوات التحالف الدولي عن تمكنها من القبض على عدد كبير من قادة وعناصر التنظيم في مناطق سيطرتها شمال شرق سوريا مؤخراً، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر كانت مخبئة في مستودعات ضخمة مخفية تحت الأرض بقرية القيروان في ناحية تل حميس جنوب مدينة الحسكة، بالإضافة إلى مصادرة كميات من الأسلحة الفردية والذخائر كانت مخبأة لدى عدد من عناصر التنظيم.
بينما تمكنت قوات التحالف من إحباط عدة عمليات عسكرية لتنظيم داعش كان تستهدف مخيم الهول للنازحين، الذي يضم عائلات وأطفال عناصر التنظيم المحليين والأجانب بالإضافة إلى خلايا مسلحة تابعة له تعمل داخله، بهدف إخراجهم منه وتأمين المزيد من الدعم اللوجستي له بعد القبض على عدد من القادة الكبار لديه أو مقتلهم في عمليات إنزال جوي نفذها التحالف، كان أبرزها مقتل زعيم التنظيم الجديد في غارة جوية استهدفت مكان إقامته بالقرب من مدينة “سرمدا” بريف إدلب الشمالي الخاضع لسيطرة “هيئة تحرير الشام”.
يذكر أن “قوات سوريا الديمقراطية” استطاعت بالتعاون مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، القضاء على تواجد تنظيم داعش بعد معارك ضارية استمرت لأكثر من سنتين خسر خلالها التنظيم العديد من قادته وموارده الاقتصادية والمالية، وأيضاً مساحات شاسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق، ومقتل زعماء وقادة التنظيم ومن أبزرهم مؤسسه “أبو بكر البغدادي” والمتحدث باسمه “العدناني” و”أبو الحسن المهاجر” وغيرهم من القيادات المحلية والأجنبية.