تشهد مدينة الرقة هذه الأيام انطلاق موسم حصاد الذرة الصفراء بين آمال المزارعين وتخوفهم من ضعفه، بعد أن وضع جُلهم الملايين من الليرات السورية لزراعتها واعتمادهم عليها، مفضلين زراعتها على زراعة القطن الذي سبب للكثير هذا العام خسائر فادحة.
“حبيب المصطفى” مزارع من مدينة الرقة، يقول: “قمت بزراعة 30 دونما من الذرة الصفراء، كلفني مصروف زراعتها ما يقرب الأربعة آلاف وخمسمائة دولار، وأنا الآن أقوم بحصادها بشكل مبكر بسبب قلة بطاقات مجفف الصفراء مما سيضطرني لبيعها للتجار بعد نثرها تحت أشعة الشمس لتجف”.
حيث تعرض موسم الذرة السنة الماضية لخراب كبير وضياع قسم كبير منها بسبب عدم قدرة المجفف الوحيد في الرقة على استيعاب الكميات الهائلة من الذرة الصفراء، مما دفع بالكثيرين لتخزينها بطرق بدائية، وعلى إثر ذلك فقد العشرات من المزارعين محاصيلهم وتعرضوا لخسائر كبيرة.
إضافة لقلة بطاقات الدخول إلى المجفف (المنشأ)، بيعت البطاقات بالسوق السوداء بطرق غير شرعية بسعر 200 دولار للبطاقة الواحدة الأمر، الذي دفع الكثير من المزارعين هذه السنة للحصاد مبكرا على أمل الحصول على بطاقة المجفف نظراً للكميات الكبيرة المزروعة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، و التي تُقدر بـ 400%، بحسب “خميس العلي” الموظف في “لجنة الزراعة والري”.
وأكد “العلي”، أن أكثر من 70 ألف هكتار من الذرة الصفراء مزروعة هذه السنة على الرغم من حث اللجنة على الالتزام بالخطة المساحية لزراعة الذرة والتي تقدر ب25% من مجمل المساحة في مدينة الرقة القابلة للزراعة، معللين السبب بقلة مياه الري وانخفاض مستوى مياه نهر الفرات.
في حين لم تُحدد الإدارة الذاتية تسعيرة الذرة الصفراء التي يأمل المزارعون أن تتناسب مع أتعابهم ومصاريفهم التي أنفقوها عليها، وتلتزم الصمت وخاصةً بعد أن حددتها وزارة زراعة النظام بـ 1950 ليرة سورية للكيلو الغرام الواحد الذي يراه الكثيرون أنه مُرضي لهم إلى حد ما.
قلة المساحات النظيفة لتجفيف الذرة الصفراء عائق آخر يؤرق الكثيرين ممن قاموا بنشر المحصول السنة الماضية على الطرقات العامة و الأوتوسترادات الدولية بشكل عشوائي، دون مراعاة للسلامة العامة للطرق، وتسببت حينها بحوادث كبيرة ولا سيما حادث البولمن الشهير في بلدة المنصورة غربي الرقة 30 كم، بعد أن اصطدم السائق بالذرة الصفراء المنشورة، الأمر الذي أدى إلى انزلاق البولمان وانحرافه عن الطريق.
إدارة “مجفف الصفراء” لهذا العام أعلنت عن استعدادها لاستقبال كميات كبيرة للذرة الصفراء، مطمئنة المزارعين ومؤكدةً على قدرتها الاستيعابية لتجفيف واستقبال محاصيلهم بعد تجهيز 5 خلايا تجفيف جديدة عبر شركة “التطوير المجتمعي” التابعة لـ “الإدارة الذاتية” بقدرة استيعابية تصل لـ 1600 ألف طن يومياً، بعد أن كانت 700 كغ السنة الماضية بحسب “حسين ديريك” مدير المجفف.
وبين وعود المجفف بالقدرة على استيعاب المحاصيل وبين رؤية المزارعين للكميات الكبيرة جداً ناهيك عن عدم الإفصاح حتى الآن عن تسعيرة الإدارة الذاتية، يبقى المزارع في مدينة الرقة رهين الخوف على إنتاجه إلى حين الانتهاء بشكل كامل من العملية وتأمينه على مايكسبه من تعب دورة زراعية كاملة.