“حرفياً لم أستطيع شراء علبة الدواء لطفلي المريض، ولا أعلم ماذا أفعل؟.. هل سأضطر للسرقة لأجل تأمين ثمن علبة دواء!”.
بمرارة كبيرة تحدث الحاج “علي الصالح” ،53 عاماً، من أبناء مدينة الرقة، عن وضعه المادي الذي ازداد سوءاً بعد هبوط الليرة السورية مقابل الدولار، وقارب الوصول إلى 5400 ليرة سورية للدولار الواحد.
يعمل” الصالح” بستانياً في إحدى حدائق مدينة الرقة، براتب لا مئتي ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 45 دولاراً، و بالكاد تكفيه مصروف يومين يومين متتاليين، مما يضطره إلى عمل إضافي، فترة المساء، إذ يعمل عتال، في تحميل البضائع بأجرة 3000 ليرة، أي أقل من دولار واحد في اليوم.
يقول الصالح: “عائلتي مكونة من سبعة أفراد، وجميعهم صغار لا يتجاوزون الرابعة عشرة، الغلاء أجبرني على التخلي عن المدارس، ثم لاحقاً زج طفلي الكبير في ميدان العمل، ومع ذلك لا يسد عملنا معا متطلبات الحياة اليومية”.
يمثل الصالح مئات الآلاف من الأهالي ذات الدخل المحدود، وفي كل مرة يرتفع بها سعر الصرف، ينعكس عليهم الأمر سلباً، ولم يتوقف الأمر على الحالة المادية فقط بل على فقدان الكثير منهم لوظائفهم بسبب توقف دعم المنظمات عن الكثير من القطاعات في الرقة، إضافة للضغوطات التي يتعرض لها موظفو الإدارة الذاتية بشكل عام.
يخبرنا تاجر المواد الغذائية “علي العلي” ،44 عاماً، من أبناء مدينة الرقة، أن أثر هبوط الليرة السورية على التجارة وعلى السوق بشكل، بسبب الفروق بين سعر صرف الدولار، ولاسيما في حالات الدين، والفرق في حالة استيفاء المبالغ من الأهالي يقول :”خسارتي خلال الأسبوع الفائت أكثر من 23 مليون ليرة”.
وشهدت الرقة كسائر المدن السورية حالة من التخبط نتيجة الارتفاع المفاجئ للدولار الذي تتعامل به المدينة منذ تحررها من النظام السوري في العام 2013، إضافة إلى حالة اليأس التي تعصف بالأهالي من عدم قدرة الإدارة الذاتية على إيجاد حل للأزمة المالية، أو رفع سقف الرواتب مقارنة بالدولار، وهناك مطالب من الموظفين باعتماد رواتبهم بالدولار بدلاً من الليرة السورية، على خطى مناطق إدلب المحررة التي تعتمد على الدولار والليرة التركية.
وقد أرجع إداري في هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية فضل عدم ذكر اسمه الأمر لما يحدث في إيران وروسيا وانعكاس الوضع السياسي هناك سلباً على الحالة السورية، إضافة لعدم الاستقرار السياسي بشكل عام محذراً من كارثة حقيقية تؤدي في نهايتها إلى الاقتتال على لقمة الخبز بحسب تعبيره.
ومن جانب آخر شهدت مناطق في دير الزور مظاهرات تطالب الإدارة الذاتية بالتدخل بقوة لمراقبة الأسواق وزيادة رواتب الموظفين لديها، وضبط أسعار المحصولات الزراعية، واعتماد الدولار عملةً بدلاً من الليرة السورية، في حين دعا ناشطون في مدينة الرقة أصحاب المحال التجارية والغذائية على وجه الخصوص إلى الالتزام بمعايير البيع وعدم وضع زيادات مضاعفة على الناس، الذين أتعبتهم الحالة الاقتصادية كثيراً.