فاضت عيناه بالدموع، واكتست ملامحه بالخيبة والخذلان، بعد أن عجز عن تأمين لقمة العيش لأشقائه الصغار، واقتصرت وجبة طعامهم على كسرات من الخبز اليابس، الذي لا يخلُ من بقع العفن، مع صحن وجبة فاصولياء، أرسله إليهم أحد الجيران، الطفل “محمد” ذو العشر سنوات مهجر من الغوطة الشرقية، يبكي قهراً من الوضع التي تعيشه عائلته في الشمال السوري.
يسكن “محمد” مع أمه وإخوته الصغار، في خيمة مهترئة، لاتقي حر الشمس صيفاً، ولا برد الشتاء، توزعت في مساحتها الضيقة أدوات الطبخ، والصحون، و أغطية بالية، وبعض الأمتعة.
وخارج الخيمة، اعتمدت “أم محمد” في الطبخ على مدفأة قديمة، تشعلها بقطع النايلون المتوفرة حولها، وبعض الأعواد الصغيرة والكرتون، التي جمعها أطفالها لاشعال النار،غير أنه قد تمر عدة أيام دون أن تطبخ “أم محمد” شيئا لأطفالها!!
يقول “محمد”، إن “أكثر مايعانيه هو إخوته الفقر والجوع، وعدم حصولهم على مساعدات إغاثة، إضافة إلى سكنهم في الخيمة المتهرئة”.
“محمد” واحد من آلاف الأطفال، المقيمين في مخيمات الشمال السوري، بعد أن هجرهم النظام قسراً من منازلهم وبلداتهم، يعيشون اليوم ظروفاً غاية في الصعوبة، جعلت أحلامهم تقتصر على وجبة طعام، ومسكن صحي وآمن، بعيداً عن حقوقهم كأطفال في اللعب والتعليم والحياة الكريمة.
وأكد ناشطون لمنصتنا، أن هذه الحالات المشابهة لظروف “محمد” وعائلته، موجودة بكثرة في المنطقة، وزادت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ مع تردي الأوضاع الاقتصادية، وتقليص عدد المساعدات الأممية، وتجاهل المعنيين وحكومة الأمر الواقع حالهم، وعجزهم عن إيجاد حل دائم لتلك العائلات الفقيرة، على الرغم من الضرائب الكبيرة، التي تحصل عليها “حكومة الإنقاذ” من الأهالي، وأخذ الزكاة من أصحاب الأراضي، بحجة تقديمها للعائلات المحتاجة إلا أن ذلك لم يغير في الواقع شيئاً.