“أتوقع أن هذا الشتاء سيكون صعباً وطويلاً على سكان مدينة الحسكة، لهذا بدأنا بالاستعداد بطريقتنا الخاصة لمواجهة موجات البرد القادمة”.
بهذه الكلمات بدأت السيدة “أم خالد” الحديث عن المصاعب الكبيرة التي تواجه سكان مدينة الحسكة الخاضعة جزئياً لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، مع دخول فصل الشتاء وبدء درجات الحرارة بالانخفاض، في ظل غياب شبه كامل للمحروقات ووسائل التدفئة مع انقطاع مستمر في التيار الكهربائي عن جميع أحياء المدينة.
“أم خالد”، سيدة خمسينية من مدينة ديرالزور ومقيمة في الحسكة منذ عدة سنوات، تحاول جاهدةً مع ابنتها الوحيدة، تأمين وسائل التدفئة الضرورية لمواجهة شتاء هذا العام القارص، مستخدمةً كامل مدخراتها التي جمعتها طوال فترة الصيف من الحوالات المالية المتقطعة التي يرسلها ابنها الوحيد المقيم في تركيا.
تقول السيدة في حديث خاص مع منصة SY24: :ذهبنا لشراء مدفئة جديدة بدل القديمة التي استهلكناها طوال السنوات الماضية، لأتفاجئ بوصول ثمنها لأكثر من نصف مليون ليرة سورية، في حين أني خصصت لهذا الأمر قرابة 150 ألف ليرة، لأعود خالية الوفاض وأبدأ رحلة البحث عن مدفئة أخرى ولكن من سوق الأثاث المستعمل”.
وتابعت أنه “عند ذهابي للسوق المستعمل تفاجأت أيضاً بغلاء أسعار وسائل التدفئة في ظل الإقبال الكبير عليها من سكان المدينة مع عدم قدرتهم على شراء الأدوات الجديدة بسبب ارتفاع ثمنها، ما اضطرني أخيراً شراء مدفأة لديها بعض العيوب البسيطة وبثمن ليس بقليل، إلا أنها قادرة على تأمين الدفء اللازم لي ولابنتي الوحيدة هذا الشتاء”.
وأضافت أنه “وبعد انتهاء رحلة البحث عن مدفأة باشرنا في الرحلة الأصعب وهي العثور على المحروقات اللازمة لعملها، واتجهنا نحو السوق السوداء وسماسرة بيع المحروقات في المدينة المرتبطين مع أصحاب محطات الوقود وموظفي هيئة المحروقات في الإدارة الذاتية، بهدف شراء كمية كافية من المازوت لحين توزيع مخصصاتنا السنوية، التي تناقصت هذا العام لتصل إلى 300 لتر للعائلة يتم توزيعها على مراحل”.
وتعاني مدينة الحسكة كغيرها من باقي المدن التي تديرها “الإدارة الذاتية” شمال شرق سوريا من أزمة محروقات خانقة، في ظل زيادة الطلب عليها مع دخول فصل الشتاء وسوء إدارة “هيئة المحروقات” التابعة لهذه الأزمة، بالرغم من سيطرتها على معظم حقول النفط والغاز الواقعة في سوريا، وقيامها بتصدير النفط الخام لمناطق النظام وأيضاً لمناطق سيطرة فصائل المعارضة شمال غرب سوريا.
“محمود حسين”، نازح من مدينة ديرالزور ومقيم في الحسكة، ذكر أنه “يضطر إلى تبديل مدفأة المازوت المنزلية كل عامين في أقصى تقدير بسبب رداءة الوقود المستخدم لها، وازدياد عدد عمليات الصيانة التي يجريها خلال فترة استخدامها، إلا أنه فوجئ بأسعار مدفأة المازوت ما دفعه للتفكير بشراء واحدة تعمل على الحطب، والتي يصل سعرها لقرابة 150 ألف ليرة سورية.
وفي حديثه لمنصة SY24، قال: إن “سعر طن الحطب وصل اليوم لأكثر من مليون ليرة سورية ونحن كعائلة نحتاج لأكثر من 5 طن لمواجهة فصل الشتاء، أي أنني سادفع أكثر من 5 مليون ليرة سورية هذا إن استطعنا تأمينه، وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة لموظف بسيط لدى إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية”.
والجدير بالذكر أن هيئة المحروقات التابعة لـ “الإدارة الذاتية” أصدرت قراراً منذ عدة أيام خفضت فيه كمية مازوت التدفئة المخصصة للأهالي بمقدار 140 لتر لتصبح 300 لتر، توزع على مراحل وعبر البطاقات التي أصدرتها في وقت سابق، وذلك بعد أن كانت الكمية تصل إلى 440 لتر، والتي لم تكن تكفي الأهالي لمواجهة فصل الشتاء، فيما يصل سعر لتر المازوت في السوق السوداء لأكثر من 1300 ليرة، بينما يتم توزيع المحروقات على أصحاب السيارات والمنشآت الصناعية بسعر 410 ليرة سورية.