فقد الطفل “محمد وسيم” بصره قبل أن يبلغ الحادية عشر من عمره، بقصف لقوات النظام والطيران الروسي، طال مكان سكنهم في “دير الزور” منذ سنوات، وفقد معه والده ومنزله، ليصبح “محمد” الطفل اليتيم، فاقد البصر والسند.
أصبح “محمد” الطفل الأكبر في عائلته، والمسؤول عن أشقائه وأمه بعد أن استقروا بمخيم “عريبا” في منطقة حارم، إثر نزوحهم من مدينة دير الزور منذ سنوات.
أخبرنا “محمد” أنه عانى كثيراً من تبعات فقدان بصره، وخسر سنوات من عمره بلا تعليم، فمن المفترض أن يكون اليوم في الصف الخامس، غير أن ظروف الحرب والنزوح التي عاشها، والإصابة التي خلفها قصف الطيران الحربي، كانت عائقاً في طريق تعليمه، ليصبح اليوم أحد طلاب الصف الثاني.
حال “محمد” تشابه حال مئات آلاف الأطفال السوريين الذين أصيبوا في الحرب، وخلفت لهم الصراعات الحاصلة في مناطقهم، عاهات مستديمة، وحسب أحدث تقرير للأمم المتحدة، ذكرت فيه أن قرابة 28% من السوريين لديهم إعاقة، وهي نسبة تفوق ضعف المعدل العالمي، وذلك نتيجة الحرب، وعدم تلقي الرعاية الصحية.
وأشار التقرير الصادر في أيلول من العام الجاري، حسب ما رصدته منصة SY24، أن الأطفال كان لهم نصيب من الإصابات التي سببت إعاقات لأصحابها، ويفتقرون إلى الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات، وغالباً ما يكافح هؤلاء الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا بمن فيهم الأطفال من أجل الحياة الكريمة.
مراسلنا التقى “محمد” في مكان خيمته، وعاين عن قرب الظروف الصعبة التي يعيشها وعائلته، ولاحظ إصرار الطفل الصغير على متابعة تعليمه وتحديه الإعاقة والفقر، يقول لنا: إن الدراسة أمله الوحيد في تحقيق حلمه، بأن يصبح في المستقبل عالماً، ويساعد أمه وإخوته الصغار في حياتهم، ولاسيما أنهم خسروا والدهم، المعيل الوحيد لهم، وباتوا اليوم يعيشون على المساعدات الإغاثية فقط.
بدأ “محمد” الدراسة منذ العام الماضي، ورافقته حقيبته المتهرئة طيلة العام، إلى أن اجتاز الصف الأول بجدارة ثم أصبح اليوم طالباً في الصف الثاني، ومال إلى حفظ القرآن الكريم سماعياً، ولاسيما أنه يملك صوتا عذباً، وإحساساً مرهف، حتى تمكن من حفظ عدة أجزاء غيباً، وبتلاوة صحيحة وفق أحكام التجويد، ونجح في مدرسته بدرجة جيدة جداً.