تتصدر الخلايا التي تتبع لتنظيم “داعش” واجهة الأحداث الدائرة في محافظة درعا جنوبي سوريا منذ عدة أشهر، الأمر الذي يؤكد وجود جهة تقدم لها الدعم اللازم للبقاء والانتشار وتنفيذ العمليات، والتي يجمع كثير من المهتمين بملف المنطقة ضلوع النظام السوري وأجهزته الأمنية في هذه الأحداث.
بالمقابل، أفاد مراسل منصة SY24 في درعا، باستمرار تقدم الفصائل المحلية في حي طريق السد والسيطرة على أماكن جديدة بواسطة التمهيد الناري وتدمير عدة مواقع تحصنت بها خلايا تنظيم داعش.
وتحدثت مصادر ميدانية لمراسلنا عن سقوط عدد من الجرحى والقتلى في صفوف “داعش”، إضافة إلى نشوب حرائق في عدة منازل نتيجة تبادل إطلاق النيران، في حين استخدمت الفصائل المحلية مدفع هاون لتدمير الدشم المتواجدة على بناء المهندسين الذي تتحصن به مجموعة من عناصر التنظيم محققة إصابات بين صفوفهم، حسب مراسلنا، والذي أشار إلى أن المبنى يكشف العديد من الطرقات الرئيسة والفرعية في حي طريق السد والمخيمات والمحطة.
ورصدت منصة SY24، آراء عدد من المهتمين بملف المنطقة الجنوبية من صحفيين ومحللين سياسيين، للوقوف أكثر على أبرز ما تشهده المنطقة، بالتزامن مع أصابع الاتهام الموجهة للنظام السوري بدعم الخلايا والمجموعات التي تتحرك بغطاء “داعش”.
وقال الصحفي وابن محافظة درعا “مؤيد أبازيد” لمنصة SY24، إنه “مما لاشك فيه أن النظام هو من يسهل لهذه الخلايا الانتشار في درعا وريفها، لاسيما أنها بشكل أو بآخر تتمركز في مناطق تحت سيطرته، بل إن هناك اعترافات تؤكد وجود دور للنظام كتلك التي خرجت في مدينة جاسم في ريف درعا الغربي قبل أسبوع عن وجود اجتماعات من قبل قيادات تلك الخلايا مع العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري بدرعا، لتنفيذ اغتيالات ضد عناصر سابقة في الجيش الحر”.
وحول المشهد بالنسبة لهذه الخلايا، تابع “أبازيد” قائلاً: “خرج مؤخرا من مدينة جاسم بعد اكتشاف خلية في المدينة ووجود شخصيات من جنسيات عربية (عراقية وتونسية) رغم أن الحديث والأحداث منذ فترة طويلة تؤكد وجود تلك الخلايا بعلم وبدعم من النظام، ليتم القضاء عليها من قبل أبناء حوران دون وجود أي دور للنظام في هذا، وما حصل مؤخرا في درعا البلد كان بمثابة اللاعودة حيث كانت سابقة بقيام شخص متطرف (من خارج محافظة درعا وتحديدا من منطقة سبينة جنوب العاصمة دمشق) بتفجير نفسه ضمن منزل قيادي سابق في الجيش الحر، وجميع من قتلوا هم من المدنيين فيما أصيب القيادي السابق وأربعة مدنيين آخرين بجروح خطيرة”.
وزاد بالقول، إنه بالنسبة لـ “الخلية التي يجري اجتثاثها حاليا في حي طريق السد بدرعا البلد، فقد جاء هذا العمل بعدما باتت هذه الخلية مكشوفة للأهالي سواء من حيث الاغتيالات التي طالت عناصر سابقين في الجيش الحر الذين لم ينظموا لميليشيات النظام، أو من خلال أفعالهم سواء السرقة أو قطع الطرق وحتى فرض إتاوات”.
ومضى بالقول “في العموم هذه الخلايا لاتزال ضمن القدرة على اجتثاثها، وما يجري الآن بدرعا البلد وسابقا في جاسم هو من أجل عدم تمددها وانتشارها بعد أن أدرك الكثير من أبناء المحافظة بأنها باتت تشكل خطرا لا يقل عن النظام بل هي أخطر – كما يقول البعض- فالنظام هو عدو الجميع والكل يعرفه، لكن حين تكون تلك الخلايا بين الأهالي وتدعي أنها مع الثورة وبنفس الوقت تقوم بالقتل والاغتيالات والسرقة فهذا دفع الأهلي أخيرا في درعا لطلب المؤازرة من قبل فصائل محلية أهلية، إضافة لفصيل “أحمد العودة” (اللواء الثامن في الفيلق الخامس التابع لروسيا) للقضاء على الخلية الداعشية”.
وفي ردٍ على سؤال “ماذا يستفيد النظام من هذه الفوضى وزرع خلايا داعش؟”، أجاب “أبازيد” موضحاً أن “النظام وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على سيطرته على درعا يواجه عقبات كبيرة في السيطرة الكاملة على المحافظة، ويمكن التوضيح أكثر (المناطق التي كانت خارج سيطرته قبل 2018 لغاية الآن، هي بين سيطرة شبه كاملة أو جزئية وحتى عدم سيطرة، ويحاول من خلال تلك الخلايا القضاء على أي تواجد ثوري أو شخصية ثورية هذا من جهة، ومن جهة ثانية العمل على زرع الفتنة بين أبناء المناطق بحيث يسهل عليه الانقضاض على تلك المناطق)”.
وقبل أيام، دارت اشتباكات عنيفة في محيط الحاجز الرباعي وحي “طريق السد” بين الفصائل المحلية من أبناء المنطقة وخلايا “داعش”، أسفرت عن أعداد كبيرة من الإصابات بين المدنيين، بينها حالات خطيرة، دون وجود مخرج لإسعافها خارج منطقة الاشتباكات، حسب ما رصدته منصة SY24.
وتشهد المنطقة منذ يوم السبت الماضي، حسب مصادر منصة SY24 في درعا وريفها، “حظر التجوال” الذي دخل حيّز التنفيذ وشمل أحياء درعا البلد وحي طريق السد ومخيمات النازحين، وأنه مستمر حتى إشعار آخر.
الناشط السياسي “مصطفى النعيمي” قال لمنصة SY24، إن “هدف النظام السوري هو إفساد أبناء درعا ليسهل إعادة إطباق القبضة الأمنية مجددا بعيدا عن الاتفاقيات التي أبرمها وجهاء ولجان درعا المركزية مع القوات الروسية، لذلك أرى بأن المشهد يتجه صوب التصعيد خاصة وأن حملات النظام الحالية أسقطت قتلى وأهالي درعا لن يقفوا مكتوفي الأيدي مطلقا بل سيكون لهم رد وكبير، ونتيجة للرد ستحصل ردود أفعال دراماتيكية بين النظام وأهالي درعا وتعود درعا إلى المربع الأول في بداية الثورة السورية”.
من جهته، اعتبر الصحفي “زكي الدروبي” أن ما يجري من أحداث في درعا “محاولات مكشوفة من نظام الأسد المستبد المجرم للإيحاء بأن درعا تحوي عناصر متطرفة وإرهابية، بعد فشل جميع خططه السابقة بالسيطرة المباشرة والهيمنة على المنطقة بشكل كامل دون أي شبهة منازعة على سيطرته وهيمنته”، مضيفاً أن “النظام يرغب بإرهاق الأهالي بعمليات إرهابية، واستهداف كوادر درعا الرافضة له من خلالها، وإخافة السكان المحليين بهم”.
وتابعت منصة SY24 أبرز المستجدات مع أحد قادة الفصائل العسكرية من أبناء المنطقة المشاركين في العملية الأمنية لاجتثاث التنظيم وخلاياه، حيث قال موضحاً حقيقة ما يجري من تطورات: “قام كل من المدعوين مؤيد حرفوش الملقب أبو طعجة و محمد المسالمة الملقب هفو وهما من أكبر قادة داعش في درعا البلد خلال الحملة العسكرية العام الماضي على درعا البلد، باللقاء مع العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري في درعا والسويداء بحضور لجنة درعا البلد، وأخبرهم آنذاك لؤي العلي بأنه لا داعي لطلب الوساطة وأنه على تواصل شخصي معهم”.
وأشار القيادي إلى أنه “تم ضبط محادثات مع أشخاص تم اعتقالهم من التنظيم بينهم و بين خلايا الاغتيالات في درعا، وتم ضبط أرقام ضباط المخابرات في جوالاتهم”.
وتابع “يجري نقل الدواعش من أحياء دمشق المحاصرة بتسهيلات من الجهات الأمنية، وحالياً يتم إدخال الدواعش إلى محافظة درعا من البادية السورية شرقي السويداء عبر حواجز الجيش السوري والأفرع الأمنية ومن ثم منطقة اللجاة، وتوزيعهم على المنطقة الغربية من درعا أو درعا البلد ومحيط الأوتوستراد الدولي دمشق عمان”.
وأغلب أمراء وعناصر داعش الحاليين من الذين نفذوا عمليات قتل واغتيال وسرقة في محافظة درعا كان قد تم القبض عليهم أثناء الحملة العسكرية عليهم عام 2018، حيث كانت فصائل المعارضة رأس حربة في الهجوم و تمشيط حوض اليرموك والقضاء عليهم ليقوم النظام بسابقة خطيرة بإطلاق سراحهم بعد أقل من عام و تقديم تسهيلات كبيرة له، حسب القيادي.
وبيّن أن من “أهم أمراء التنظيم المتواجدين حالياً من محافظة درعا في درعا البلد هم “محمد المسالمة الملقب هفو، وإياد جعارة، ومؤيد حرفوش الملقب أبو طعجة”.
يذكّر أن منصة SY24 كشفت عام 2019 في تقرير لها، عن إطلاق سراح العشرات من عناصر وقادة “جيش خالد” الموالي لتنظيم داعش من سجون النظام السوري، عقب اعتقالهم في منطقة “حوض اليرموك” بدرعا عام 2018.
وفي السياق، نفى أحد وجهاء درعا البلد، الشيخ “فيصل أبازيد” في تسجيل مصور متداول، أي تعاون حاصل بين الفصائل المحلية من أبناء المنطقة وبين أفرع أمن النظام السوري في الحملة الأمنية ضد “داعش” وخلاياه.
وقال نرفض أي اتهام بالتبعية للمدعو “لؤي العلي”، “الذي هو في النهاية ركن من أركان النظام السوري يشغل منصب رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية، ونحن لا نعمل عند لؤي العلي ولا عند غيره”.
وأضاف أنه “يوجد في الأحياء عصابة مفسدة. لا يهمني لمن تتبع. هم مجرمون وحشاشة. نحن في مرحلة إما قاتل أو مقتول. لا مجال للسكوت بعد اليوم”.
ومؤخراً، وحذّرت مصادر مهتمة بتوثيق انتهاكات النظام السوري وأجهزته الأمنية، من مساعي النظام لزرع “الفتن والدسائس” في محافظة درعا جنوبي سوريا.
وقبل أيام، أفاد مصدر في مجموعة حقوقية بوصول “رسائل تهديد” من مجهولين، وذلك إلى عدد من الشخصيات من أبناء “مخيم درعا” جنوبي سوريا.