تشهد أسواق بيع وشراء السيارات الجديدة والمستعملة في عموم مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرق سوريا إقبالاً ضعيفاً من المواطنين تسبب بركود كامل فيه، ما دفع عدد كبير من أصحاب معارض السيارات الشهيرة للاستغناء عن قسم من كبير من العمال، فيما تكبد أصحاب المعارض الصغيرة خسائر فادحة نتيجة تذبذب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.
مصادر محلية عزت ضعف حركة بيع وشراء السيارات في المنطقة إلى الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الأهالي وضعف القدرة الشرائية لهم، وخاصة كون معظم سكان هذه المناطق يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل رئيسي لهم، ونتيجة الخسائر التي مني بها هذا القطاع طوال السنوات الماضية فإن ذلك دفعهم إلى الاستغناء عن رفاهية امتلاك سيارة جديدة والاكتفاء بما يملكونه الآن.
فيما أوضحت هذه المصادر، أن نقص المحروقات وارتفاع ثمنها في المنطقة بات يشكل هاجساً كبيراً للمواطنين الراغبين باقتناء سيارة، وبالذات مع القرارات الأخيرة بمنع بيع المازوت والبنزين على البسطات في الشوارع، وامتناع أصحاب محطات الوقود على بيعها للمواطنين بالسعر الذي وضعته “الإدارة الذاتية”، وغيرها من المشاكل المتعلقة بـ “أزمة المحروقات التي تمر بها المنطقة”.
“مالك الحسين”، عشريني من مدينة الحسكة وكان يعمل في إحدى معارض السيارات فيها، ذكر أن “صاحب المعرض اضطر إلى تسريحة هو وثلاثة آخرين من عملهم لعدم قدرته على صرف رواتبهم نتيجة ركود السوق، وعدم بيع أي سيارة لأكثر من 5 أشهر، على الرغم من تقديمه عروض كثيرة للبيع بالتقسيط المريح بهدف تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال”، على حد قوله.
وفي حديثه لمنصة SY24 قال: “في الأحوال الطبيعية كنا نبيع سيارة أو اثنتين في الأسبوع الواحد، وفي الأشهر التي تلي موسم حصاد المحاصيل الأساسية من قمح وقطن فإننا نبيع سيارة كل يوم على أقل تقدير، أما الآن فإن فترة 5 أشهر دون بيع أي واحدة قد تسببت لصاحب المعرض بخسائر كبيرة”.
وأضاف أن “هناك أسباب كثيرة لضعف حركة سوق السيارات ولكن تعد قرارات الإدارة الذاتية هي السبب الرئيسي لذلك، فبعد منعها استيراد السيارات المنتجة قبل عام 2012 وإجبار التجار على استيراد أنواع معينة تعتبر غالية الثمن بالنسبة للمواطنين الذين يعانون أصلاً من ضائقة مالية، فإن ذلك دفع البعض إلى تداول السيارات المستعملة فيما بينهم وعدم الاتجاه إلى السيارات الجديدة أو الحديثة مرتفعة السعر بالنسبة لهم”.
في الوقت الذي أوضح فيه “عقبة” لمنصة SY24 ، وهو من سكان مدينة الحسكة ويملك محل لبيع الأدوات المنزلية، أن “شراء سيارة الآن يعني قضاء معظم الوقت في طوابير محطات الوقود أملاً بالحصول على 25 لتر من البنزين أسبوعياً لا تكفي لقضاء مشوار واحد بالسيارة، ناهيك عن ارتفاع أسعار قطع الغيار المستوردة ومشاكل الطرقات والضرائب التي تفرضها الإدارة الذاتية على السيارات، وغيرها من المشاكل التي تجعلني أفكر كثيراً قبل اقتناء واحدة في هذا الوقت الصعب”، على حد تعبيره.
والجدير بالذكر أن حركة الركود في أسواق السيارات داخل مدن وبلدات شمال شرق سوريا قد بدأت بعد إعلان حكومة كردستان العراق إغلاق معبر “سيمالكا” البري مع مناطق “الإدارة الذاتية”، عقب قيام مجموعة تابعة لحزب العمال الكردستاني بمهاجمة المعبر والاعتداء على موظفيه، الأمر الذي تسبب بمنع ادخال او اخراج السيارات من المعبر.
يشار إلى أن حكومة النظام تواصل منع إدخال أو إخراج السيارات عبر المعابر البرية المغلقة التي تربطها مع مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، ما دفع بعض التجار إلى استخدام طرق غير شرعية لتهريب السيارات بالتعاون مع حواجز “قسد” والنظام، وذلك بعد دفع مبالغ مالية ضخمة لهم في محاولة منهم تفادي أكبر قدر ممكن من الخسائر نتيجة ركود السوق المحلية في مدن وبلدات شمال شرق سوريا.