على الرغم من الاستعدادات الحثيثة التي قامت بها لجنة التربية والتعليم في مجلس مدينة الرقة المدني التابع لـ”الإدارة الذاتية”، وقيامه طوال فترة الصيف بإعادة تأهيل عشرات المدارس والمراكز التعليمية في المنطقة، إلا أن هذه المدارس ما تزال تشهد تدني في مستويات الخدمات المقدمة للطلاب، وبالذات فيما يخص النظافة والصحة ودورات المياه.
حيث تفتقر معظم مدارس مدينة الرقة إلى تواجد المرافق الصحية مع عدم قيام الهيئات المسؤولة عن ترميم هذه المدارس ببناء مثل هذه المرافق، فيما تحولت دورات المياه في بعض المدارس إلى مكان لتجمع الحشرات والقوارض مع انبعاث روائح كريهة منها، ما دفع الأهالي إلى الخوف من تحولها إلى بؤر لانتقال الأمراض والأوبئة وبالذات الكوليرا والملاريا.
مصادر محلية أكدت أن اللجان المسؤولة عن ترميم المدارس في ريف الرقة أهملت المرافق الصحية ودورات المياه، ما دفع الطلاب والمعلمين إلى “قضاء حاجتهم خارج المدرسة وعند سورها”، الأمر الذي تسبب بحالة من الفوضى أصابت العملية التعليمية دفعت إدارة بعض المدارس للتهديد باقفالها في حال لم يتم إصلاح الأعطال فيها.
المصادر ذاتها قالت أن الأهالي اتهموا المتعهدين المدنيين الذين نفذوا عملية إعادة تأهيل المدارس في مدينة الرقة والريف المحيط بها بـ”الفساد”، على خلفية تعمدهم إهمال المرافق الصحية وعدم إكمال أعمال البناء فيها أو إعادة تأهيلها بشكل حقيقي، ما تسبب بتعطل معظمها بعد أول شهر من بدء الدوام المدرسي، أو حتى عدم بنائها أبداً في بعض مدارس الريف الشرقي.
“أبو محمد”، نازح من مدينة ديرالزور ومقيم في الرقة، أشار إلى “تردد ابنه إلى المنزل أثناء الدوام الرسمي أكثر من مرة في اليوم بغرض قضاء حاجته باعتبار أن منزله يقع بجانب المدرسة، ما قد يؤثر سلباً على العملية التعليمية وعلى الطفل في الوقت ذاته”، على حد وصفه.
ولفت إلى أن “الفساد الذي ينخر معظم مؤسسات الإدارة الذاتية وموظفيها أثر بشكل مباشر على الخدمات المقدمة للأهالي وخاصة في القطاعات المهمة مثل الصحة والتعليم والنظافة، كما انه أثر أيضاً على سير عملية النهوض بالمدينة بعد سنوات الحرب الطويلة التي عاشتها، ما قد يضعف ثقة المواطن بهذه المؤسسات”.
وأضاف “لا أعتقد أن عملية إعادة تأهيل المرافق الصحية في جميع المدارس هو أمر صعب إن توفرت العزيمة لذلك، خاصة مع وجود يد عاملة رخيصة وكثيرة في المدينة كما أن أعمال صيانة المرافق الصحية ستوفر فرصاً جيدة للعديد من العاطلين عن العمل، ناهيك عن تسهيلها العملية التعليمية لما تقدمه من خدمات للطلاب والمدرسين على حد سواء”.
من جهته، أكد مجلس الرقة المدني أن مؤسساته قامت بصيانة جميع المرافق الصحية للمدارس قبيل انطلاق السنة الدراسية، إلا أن بعض هذه المرافق “تعرض للتخريب غير المتعمد بسبب ارتفاع عدد الطلاب وكثرة الاستعمال، مع عدم وجود ميزانية كافية مخصصة من قبل “الإدارة الذاتية” لإعادة تأهيل هذه المرافق بالسرعة المطلوبة”، على حد وصفها.
وكانت لجنة التربية التابعة لمجلس الرقة المدني قد أعلنت أن عدد المدارس التي تم إعادة تأهيلها في مدينة الرقة والريف المحيط بها تجاوز 500 مدرسة، والتي تعرض معظمها لدمار كامل إبان سيطرة تنظيم داعش على المدينة، فيما تم صيانة بعض المدارس المتواجدة في الريف الشرقي والشمالي بشكل شبه تام لاستيعاب أكبر قدر ممكن من طلاب المراحل الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية.