تهميش واضح يعيشه الأطفال في شمالي سوريا، بعد عشر سنوات من الحرب والصراع، حيث كانوا الفئة الأكثر تضرراً في تلك النزاعات، على جميع الأصعدة، سواء صحتهم الجسدية والنفسية، أو من الناحية التعليمية ، وصولاً إلى عدم توفير بيئة آمنة لهم للعيش بعيداً عن خطر القصف والقذائف من قبل النظام السوري.
تركت مخلفات الحرب، ندبة دائمة في جسد الطفل “يمان” ذو العشر سنوات، بعد أن فقد يده بانفجار لغم أرضي، أثناء لعبه في أرض الزيتون القريبة من مكان سكنه في مخيم بمنطقة عقربات شمال إدلب، يقول لنا “إنه خسر يده، وتحمل الكثير من الألم وهو بعمر صغير”.
تعرض “يمان” كمئات الأطفال في شمال سوريا إلى واحدة من أخطر مفرزات الحرب، وهي مخلفات الأسلحة والصواريخ غير المنفجرة، وفقد أحد اطرافه، كما حرم من حقه في التعليم بسبب النزوح والفقر فهو اليوم في الصف الأول، بدل أن يكون مع رفاقه في الصف الرابع.
انتهكت الحرب حقوق الأطفال في الشمال السوري، بشكل صريح، وحرمت معظمهم من حقوقهم كـ التمتع بصحة جسدية ونفسية، والتحاقهم في التعليم بالسن والوقت المناسبين، إضافة إلى حرمانهم من اللعب بشكل آمن بسبب انتشار مخلفات الحرب في كل مكان ما يجعلهم عرضة للموت أو الإصابة في أي وقت.
وفي سياق متصل، يصادف يوم أمس 20 تشرين الثاني، الذكرى السنوية ليوم الطفل العالمي والذي تحتفي به الأمم المتحدة منذ عام 1990، بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل والاتفاقية المتعلقة بها.
غير أن أطفال سوريا لم يحتفلوا بيومهم العالمي كبقية الأطفال، وهم محرومون من أبسط حقوقهم، تقول عاملة الدعم النفسي “سوسن الطويل” في حديث خاص لمنصة SY24، إنها واجهت خلال عملها مع الأطفال والأهالي في مجال الصحة النفسية، عدة حالات مرضية، مصابة بـ “رض نفسي” حملوها منذ طفولتهم إلى مرحلة الشباب، أثناء وجودهم في أماكن القصف والحرب، وأثرت بشكل مباشر على حياتهم الشخصية.
تخبرنا أن الأطفال في المخيمات يعانون من تبعات النزوح والحياة القاسية، وتظهر أعراض نقص التغذية عليهم وقد زادت في السنوات الأخيرة بسبب عدم حصولهم على التغذية الكاملة والصحية، وذلك بسبب الظروف المعيشية المتردية لعوائلهم.
وأضافت في حديثها إلينا، أن الحرب أثرت بشكل مباشر على الفتيات الصغيرات، فانتشرت ظاهرة الزواج المبكر، لمن هم دون 18 عشر، وحملت الطفلة أعباء الحياة الزوجية ومخاطر الحمل والولادة في سن مبكر، ما أرهق جسدها وعقلها بسبب صغر سنها وضعف بنيتها الجسدية.
وفي مناسبة يوم الطفل العالمي ، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي الحادي عشر عن (الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا) أن ما لا يقل عن 29 ألفاً و894 طفلاً، قتلوا في سوريا منذ آذار 2011، بينهم 182 بسبب التعذيب، إضافةً إلى 5162 طفلاً ما يزالون معتقلين أو مختفين قسرياً، وأضاف التقرير أن النظام السوري تفوق على جميع الأطراف من حيث كمُّ الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي.