أعلنت قوات الأمن الداخلي “الأسايش” عن ضبط كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون المخدرة بالإضافة إلى مادة الحشيش الأفغاني وبعض أنواع المخدرات الأخرى، داخل سيارة خاصة كانت قادمة من ريف ديرالزور باتجاه مدينة الحسكة شمالي سوريا، وقامت باتلاف المصادرات بشكل علني واعتقال شخصين وإحالتهما للقضاء تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة “الاتجار بالمخدرات والترويج لها”.
عمليات مصادرة المخدرات في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شرقي البلاد تكررت خلال السنوات الماضية، وخاصة مع ازدياد نفوذ الميليشيات الإيرانية على الضفة المقابلة لنهر الفرات وسيطرتها على المعابر النهرية والبرية بشكل شبه كامل، واحتكار قادتها وعناصرها تجارة المخدرات في المنطقة خاصة تلك المصنوعة محلياً في المعامل المملوكة لعائلة رأس النظام السوري بشار الأسد في منطقة الساحل، وأيضاً المعامل المتواجدة بمناطق سيطرة ميليشيا حزب الله اللبنانية في منطقة البقاع والمعامل في لبنان.
الميليشيات الإيرانية قامت باستغلال المعابر النهرية التي تصل مناطق سيطرتها في ريف ديرالزور بمناطق سيطرة “قسد” على الضفة المقابلة لنهر الفرات، من أجل إدخال أكبر كمية ممكنة من المخدرات وإغراق مناطق شرق الفرات بها مستغلة ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وحالة الاستياء الكبيرة لديهم من الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه مناطقهم، بالإضافة إلى حالة الضغط النفسي لديهم نتيجة سنوات الحرب الطويلة وآثارها السلبية عليهم.
ويعد المعبر النهري الموجود في بلدة السويعية بريف البوكمال، والتي تقع تحت سيطرة الميلشيات الإيرانية بشكل كامل، أحد أهم طرق تهريب المخدرات إلى مناطق “قسد”، والذي تم افتتاحه مؤخراً بالتنسيق التام بين عدد من قادة ميليشيا الحرس الثوري الإيراني وآخرون من “قسد” بوساطة عدد من أبناء المنطقة الذين يعملون بالتهريب.
مصادر خاصة ذكرت لمراسل منصة SY24 في ريف ديرالزور الشرقي استغلال الميليشيات الإيرانية معبر السويعية من أجل إدخال كميات كبيرة من المواد المخدرة ذات الجودة السيئة إلى مناطق “قسد” وبيعها هناك بأسعار تعتبر رخيصة جداً مقارنة بأسعار المخدرات العالمية، بالإضافة إلى محاولتها نقل المخدرات باتجاه مناطق سيطرة الجيش الوطني في الشمال السوري ومنه إلى تركيا.
المصادر ذاتها تحدثت عن نقل أكثر من 500 كغ من المخدرات بشكل أسبوعي إلى مناطق سيطرة “قسد” عبر معبر السويعية بالتعاون بين الميليشيات الايرانية والمهربين العاملين في المنطقة بالتنسيق مع عدد من قادة “قسد”، لتسهيل عملية إدخال المخدرات وتوزيعها خارج ريف ديرالزور باتجاه مدينتي الحسكة والرقة باستخدام المركبات العسكرية التي لا تخضع للتفتيش على الحواجز.
إغراق المليشيات الإيرانية المنطقة بالمخدرات تسبب مؤخراً في انتشار جرائم القتل والسرقة والنهب المسلح، ناهيك عن ارتفاع عدد الوفيات نتيجة جرعات المخدرات الزائدة وأيضاً ارتفاع عدد حالات الانتحار خاصةً بين الشباب، نتيجة الإدمان على مواد مخدرة خطيرة مثل مخدر الكريستال وحبوب الكبتاغون المصنعة محلياً.
“مجد الجاسم”، من ريف ديرالزور وأحد العاملين سابقاً في مجال التهريب، ذكر أن “المهربين لا يهمهم نوعية المواد التي تدخل المنطقة بل يهمهم أن يقبضوا ثمن تهريبها بشكل كامل، ولهذا نرى مدن وقرى ريف ديرالزور قد أغرقت بالمخدرات رخيصة الثمن و رديئة النوعية، ما رفع عدد المدمنين عليها من أبناء المنطقة التي كانت تعتبر المخدرات خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه”، على حد تعبيره.
وقال الشاب في حديثه لمراسل منصة SY24 في المنطقة: “معبر السويعية النهري هو أحد أهم المعابر التي تدخل عبره المخدرات لأنه لا يخضع لأي رقابة رسمية، كونه يعمل في المساء فقط وبشكل متقطع وغير دائم ويتم تغيير مكان نقل البضائع بشكل مستمر، بالإضافة لكونه معبر غير شرعي فإن السيطرة عليه من قبل الجهات الرسمية أمر صعب”.
وتابع: “يتم إدخال كل شيء من هذا المعبر بدءاً من المحروقات والمواد الغذائية وانتهاءاً بالمخدرات والبشر، ولهذا تشهد المنطقة اشتباكات مستمرة بين المهربين والميليشيات الإيرانية وقسد، بسبب اختلافهم على إدخال البضائع أو عدم تسليمهم الأموال المترتبة عليهم وغيرها من الأسباب التي تؤدي لاندلاع اشتباكات قد تستمر لساعات، يتم فيها إغلاق المعبر لحين حل المشكلة ومعاودة العمل فيه مجدداً”.
فيما ذكر “يعرب”، أحد أبناء مدينة البصيرة في ريف ديرالزور الشرقي، أن “أسعار المخدرات القادمة من مناطق النظام تعتبر رخيصة جداً مقارنة بأسعار المخدرات القادمة من العراق أو من تركيا، حيث يتم بيع 25 غرام من مادة الحشيش الأفغاني بمبلغ 30 ألف ليرة سورية، فيما يصل سعر حبة الكبتاجون الواحدة لحوالي 500 ليرة، وهي أسعار زهيدة نسبياً مقارنة بأسعار المخدرات الأخرى”، على حد قوله.
والجدير بالذكر أن تجارة المواد المخدرة باتت أحد مصادر الدخل الرئيسية للنظام والميليشيات الإيرانية، وذلك بعد قيامهم بافتتاح عدد من مصانع حبوب الكبتاغون المخدرة بالتعاون مع النظام السوري الذي تم تصنيف رأسه بشار الأسد من قبل الحكومة الأمريكية كأحد أكبر تجار المخدرات في العالم، وذلك بسبب تحويله سوريا لأكبر مصدر للمخدرات إلى دول المنطقة.